من رحم الصحراء تولد رسائل الرمال ,رسائل الغبار في أعالي اللإختلاط الأزلي بين الهشيم والماء في أعقاب الصيف وقبيل أوائل الخريف .
ينقل " رياض بن شعيب" ومضات خالدة مما تركه الأجداد حين تذكرك الصورة بالعادات والتقاليد ,حين يركب الفارس جواده ويحمل سيفه ,حين تحضرك نغمة الناي "الفحل" أو" القصبة" بتعبير الجهة الغربية من ربوع الجزائر , يرافقك البندير ,الطار أو القلال تلك حكاية من يرقص الفلكلور الشعبي لكن القصة أكبر من ذلك بكثير يختصرها الفنان رياض بن شعيب في شخصين رداؤهما تقليدي بحت مع العمامة "الرزة" ذات التوتة .
طبعا تغيب الملحقات أين استبدل السيف أو البندقية بالعصا ولعلمه بذلك ترك اللوحة مفتوحة على التأويل , بدءا من ملامح الشخصين نستقرئ المعانات والبساطة التي تغطيها القناعة والفرح والسرور والحياء البائن على محياهما ,إنهما يترجمان عن حياة اجتماعية غاية في البساطة بعيدة عن التكلف في زمن طغى عليه التمغرب إنها ولو كانت في قلب الحدث إلا أن هندامهما مدعاة للغرابة في وسط مجتمع بدأ يتناسى أو ينسى عاداته وتقاليده ويميل إلى الموسيقى العصرية أو بالأحرى الغربية ,إن هذين الشخصين رغم الهدوء البادي على وجه أحدهما إلا أن ما كانا يقومان به مليئ بالحركة والعنفوان .
الحركة بلغة الخطوط تتجلى في العمودية المسيطرة التي ترافقها خطوط مائلة وأما بلغة الألوان فإنها صارخة حارة في مجملها أوتنسجم مع الحارة ما عدا تلك البرودة الظاهرة للعيان خلف الشخصين يقصد بها الفنان نزول المطر بعد انقضاء وعدة سيدي أحمد المجدوب وهي العادة التي تعود عليها أهل منطقة عسلة على سبيل التبرك أو هي العقيدة إذا , وهو ما يحدث عادة .
هو نور الوجوه الذي يهبه الله للكرماء فيجدر بنا أن نعرف بأن خلال وعدة سيدي أحمد المجدوب يطعم الطعام ويكرم الضيف .
إن من مميزات الفن أنه يختصر ما لا يختصر ويمد ما لا يمد ويقول ما تعجز الكلمات عن ترجمته وتبقى لوحة سيدي أحمد المجدوب شاهدة على ما قبلها وما بعدها من مقومات شعب أنجب الأبطال ونفذ الثورات , وتبقى التقنية التي نفذت بها اللوحة فريدة من نوعها ذلك أن الفنان خرج عن النمطية المعهودة عند معظم الفنانين التشكيليين. أقول في ذلك: "كأنها كتل ثلجية اختلطت بعاصفة رملية لتكون تشكيلا رائعا , حقيقة فإن الفنان "رياض بن شعيب "حول الكثبان الرملية إلى ثياب وملامح ليصور جزءا من قضية شعب بكامله "
وأقول فيه أيضا :
نزل بأ رض الألوان يحفرها وترك على السطوح الأخاديد
هي عنده كالدقيق يعجنــها وليس يطهـوها الـتـقــــالــيــــد
هي وعدة المجدوب يرسمها فـكـــأنــهــا عــنـده الــعــيــــد
رياض بروض الفن يشعبها فصـولا يـفهـمها الـتلامــيـــــذ
لوحة وعدة سيدي احمد المجدوب
50x70 cm
زيت على القماش
الفنان التشكيلي رياض بن شعيب
صاحب القراءة :
الشاعر و الروائي و الناقد بشلاغم يحي.